هل يمكن للعلم أن "يحتال على الموت" بتجميد أجسادنا




يرغب ماكس مور أن يُجمد دماغه بعد وفاته، وهو ليس الوحيد الذي تحدوه هذه الرغبة. الصحفية روز إفيليث سألته عن الدافع لذلك، وعن الطريقة الغريبة لحفظ الجثث بالتجميد بعد الموت وكيفية إجرائها.
في عام 1972 شاهد ماكس مور برنامجا تليفزيونيا من برامج الأطفال للعلوم والخيال اسمه "انزلاق الزمن"، وقد ظهرت فيه شخصيات تجمدت في الجليد. ولم يولِ اهتماما لذلك الأمر إلا بعد سنوات عندما بدأ يخرج مع مجموعة من الأصدقاء الذين اعتادوا عقد اجتماعات حول المستقبل.
ويقول مور عن أصدقائه: "كانوا يأتون بمجلة عن تجميد الأعضاء، ويسألوني عن رأيي فيها ليعرفوا مدى اهتمامي بالمستقبل. وبدا لي على الفور أن الأمر منطقي."
يعمل مور الآن مديرا تنفيذيا ورئيسا لشركة ألكور، وهي إحدى أكبر شركات تجميد الأعضاء في العالم. وقرر مور، وهو أحد عملاء هذه الشركة أيضا منذ عام 1986، اختيار عملية الحفظ العصبي؛ أي تجميد الدماغ وحسب وليس حفظ الجثة بأكملها. ويقول مور: "أعتقد أن المستقبل سيكون مكانا لائقا جدا لكي أعيش فيه، وأريد الاستمرار في العيش والاستمتاع والإنتاج."
وتعتبر عملية حفظ الموتى بالتجميد على أمل التوصل لعلاج لأمراضهم المستعصية، والتي تعرف باسم "كرايونيكس"، عملية مثيرة بالنسبة لمجتمع المولعين بالمستقبل. والافتراض العام لهذه العملية بسيط جدا، ومفاده أن الطب يحرز تقدما كل يوم، وأن أولئك الذين يموتون اليوم ربما يمكن شفاؤهم في المستقبل.
ويعد الحفظ بالتجميد وسيلة لسد الهوة بين طب اليوم وطب الغد. ويقول مور: "نعتبر هذه العملية امتدادا لطب الحالات الطارئة".
ويضيف: "نحن نتولى المسؤولية عندما يفشل طب اليوم في علاج المريض. عليك أن تفكر بالأمر على هذا النحو: لو كنت تمشي في الطريق قبل 50 عاما، وسقط أمامك شخص ما وتوقف عن التنفس، كنت ستتحقق من الأمر ثم تقول إنه مات، وتتركه وتنصرف. أما اليوم فلا نفعل ذلك، بل نجري له عملية تنفس صناعي، وأمورا أخرى عديدة لإنقاذ ذلك المريض."
ويقول مور: "الأشخاص الذين اعتقدنا أنهم توفوا قبل 50 عاما نعلم الآن أنهم لم يموتوا بالفعل حينها. ومن خلال عملية الحفظ بالتجميد، كل ما علينا فعله هو أن نوقف تردي حالتهم والسماح لتقنيات أكثر تقدما أن تعالج الأمر في المستقبل."
بالطبع، لا يمكننا إطلاقا اختبار صحة هذه الفرضية، فلم يحاول أحد قط أن يعيد الحياة لإنسان بعد حفظ جثته. ورغم أن باحثين آخرين تمكنوا من تبريد جسد بعض الأشخاص حتى يتمكنوا من إنعاشهم في وقت لاحق، إلا أن تجميد جثة شخص ما لعدة عقود أمر مختلف تماما.
ويشير مور إلى دراسات أخرى أجرى فيها بعض العلماء عمليات لحفظ الخلايا والأنسجة، ويؤكد مور أن وصول عمليات مثل هذه إلى درجة حفظ جثة بالكامل ليس افتراضا هينا.

وهناك عملاء من كافة أنحاء العالم لشركة ألكور. ويقول مور إن لدى شركته قائمة خاصة بمتابعة العملاء الذين يعانون تدهورا في صحتهم، وعندما يبدو أن وقت الوفاة قد حان فإنها ترسل ما تطلق عليه اسم "فريق الاستعداد" بهدف بدء المهمة. ويبقى الفريق إلى جانب سرير المريض إلى أن يتوفى.
وعند إعلان وفاة المريض رسميا، يمكن لعملية الحفظ أن تبدأ. ينقل المريض أولا من سرير المستشفى إلى سرير من الجليد، ويغطى بالثلج الممزوج بالماء. ثم يستخدم فريق ألكور جهازا لإنعاش القلب والرئتين لجعل الدم يتدفق في الجثة مجددا. ثم يستخدم الفريق 16 نوعا مختلفا من الأدوية التي من شأنها الحفاظ على الخلايا من التلف بعد الموت. وبعد الانتهاء من تلك المرحلة، ينقل الفريق الجثة إلى مكان آخر لإجراء الجراحة.
وتتضمن الخطوة التالية تصفية جثة الميت من أكبر قدر ممكن من الدم والسوائل، واستبدال ذلك بمحلول يمنع تكون كتل ثلجية داخل الجسم. وبما أن الجثة ستتجمد، فإن معظم العمل التحضيري ينصب على تلك الخطوة لضمان عدم تشكل العديد من كتل الثلج داخل خلايا الجثة.
وعندما تمتلئ الشرايين بذلك المحلول، يمكن لفريق شركة ألكور البدء في عملية التبريد بمعدل درجة مئوية واحدة كل ساعة، حتى تصل درجة حرارة الجثة في النهاية إلى 196 درجة تحت الصفر بعد حوالي أسبوعين. وفي نهاية المطاف، توضع الجثة في مثواها الأخير إلى جانب ثلاث جثث أخرى في أغلب الأحيان.
هذا هو السيناريو المثالي. لكن الأمور لا تجري دائما على هذا النحو. فإذا لم يبلغ المريض شركة ألكور بمرضه المفاجئ، أو توفي في الحال، فإن العملية برمتها يمكن أن تتأخر لساعات أو ربما أيام.
وفي واحدة من تلك الحالات التي حدثت مؤخرا، أقدم أحد عملاء الشركة على الانتحار، وكان يتعين على موظفي ألكور التفاوض مع الشرطة والطبيب الشرعي للوصول إلى الجثة. وكلما طالت فترة الانتظار بين الموت وحفظ الجثة، كلما زاد عدد الخلايا التالفة، مما يجعل عملية إنعاش الجثة ومعالجتها أكثر صعوبة، كما يقول مور.
إذا بدا الأمر بأكمله كأنه مغامرة كبيرة من أجل الحصول على نتائج قليلة، فقد يكون الأمر كذلك بالفعل. ويقر مور بأن حفظ الجثث بعملية التجميد يجري دون ضمانات تقدمها الشركة.
ويقول أيضا: "لا نعرف قطعا (ماذا سيحدث)، فهناك كثير من الأمور التي قد تجري على غير ما يرام"
ومن الممكن أن تحتفظ شركة ألكور وشركات أخرى مثلها بالعديد من الجثث باستخدام مادة النيتروجين السائل، إلا أن تكنولوجيا الحفظ بالتجميد لا تماثل أيا من وسائل تكنولوجيا المستقبل الأخرى، كما يقول مور.
ويضيف: "لا يوجد مستوى مادي ملموس للقدرة على إصلاح الأنسجة، فالأمر ليس كالسفر عبر الزمن".

وبالطبع فكل هذه المحاولات ستبوء بالفشل ، وماهي الا ضياع للوقت والجهد لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
تداووا عباد الله ، فإن الله عز وجل لم يُنْزِل داء ألا أنزل معه شفاء إلا الموت والهرم


--------------------------------------------------------------- ; ------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
مواضيع مشابهة

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

 

الاكثر زيارة